نؤمن في حسوب I/O بالنقاش الحر كمنبع أساسي للأفكار النيّرة، والانفتاح على الآخر واستيعاب كل وجهات النظر. في ذات الوقت نؤكد على ضرورة الالتزام بآداب الحوار، والابتعاد عن المغالطات المنطقية التي قد يستخدمها البعض لدعم وجهة نظرهم وتغليبها بالقوة.
المغالطة المنطقية هي استعمال أفكار ومعلومات مضللة بهدف تبرير الحجج وإثارة العواطف لحسم أي نقاش وكسبه من الطرف الآخر رغم قوة حجته واستناده لمعلومات وبراهين منطقية دامغة.
لذلك، عند استعراض أفكارك خلال أي نقاش في مجتمعات حسوب I/O، نرجو الابتعاد عن المغالطات المنطقية التالية:
1. الإحراج الزائف
تعرف كذلك بغالطة المأزق المفتعل، ويهدف المحاور من خلالها إلى إلغاء كافة الحلول والبدائل الأخرى والتركيز على خيارين لا ثالث لهما، أحدهما لا يصلح حلًا، والثاني هو رأي المغالط نفسه، والعمل وفق قاعدة إما معنا أو ضدنا.
على سبيل المثال: أنت لا توافقني بجدوى تحديد النسل للنهوض بالوضع الاقتصادي والاجتماعي، إذًا أنت راضٍ عن الانهيار الاقتصادي وتردي الأوضاع المعيشية في الدولة.
2. التعميم المتسرع
عند قيام المحاور بتعميم حالة فردية على الكل، فقد وقع بمغالطة التعميم المتسرع أو المتحيز. وهي الحكم على قضية عامة بحكم ما بناءً على حالة جزء منها.
مثال: قرأت بالأمس عن حادث سيارة وكان السائق امرأة، قلت لكم النساء لا يصلحن لقيادة السيارات!
3. الرنجة الحمراء
تعني هذه المغالطة أن يقوم الشخص بتضليل الطرف الآخر عن القضية الأساسية للنقاش من خلال الدخول في أحاديث جانبية أقل أهمية، ودعهما بالبراهين والحجج وإن كانت صحيحة، ليصرف انتباه الطرف الآخر عن الموضوع الرئيسي.
مثال: أن تستدل بدراسة عن آثار الأشعة الصادرة من الهاتف وما يترتب عليها من مضار صحية خلال نقاشٍ عن جدوى الهواتف في اختصار المسافات وتقريب العالم من بعضه. برغم صحة الدراسة التي تستند إليها، لكنها تصرف النظر عن المسألة الجوهرية وتحاول تشويهها بطريقة مبطّنة.
4. الشخصنة
إن سعيتَ إلى إثبات وجهة نظرك والفكرة التي تدافع عنها من خلال الطعن في شخص الطرف الآخر، فقد وقعت بمغالطة الشخصنة أو الحجة الشخصية. فالنقاش الحضاري هو مناقشة الفكر لا الشخص. لذلك، لا تلجأ إلى الطعن في المناقش ومهاجمته لضعف حجتك وبحثك عن سبيل آخر لدعم ما ترمي إليه في كلامك.
مثال: كيف تصدق نظريات التحليل النفسي لفرويد وقد كان مغرورًا ومتكبرًا بين أقرانه؟
5. مهاجمة رجل القش
تعرف كذلك بالمغالطة البهلوانية، يلجأ خلالها المحاور إلى مهاجمة فكرة هامشية لم يتطرق إليها الطرف الآخر بدلًا من التركيز على الموضوع الأساسي، وذلك لضعف حجته وبحثه عن بديل لإثبات وجهة نظره، وكأنه يهاجم دمية وهمية من القش بدلًا من منازلة الخصم الحقيقي.
مثال: خلال حديث عن جدوى خفض ساعات العمل اليومية إلى خمس ساعات وآثار ذلك على إنتاجية الموظفين، عبّر شخص عن انتقاده للاقتراح بقوله: ماذا عن عمال الوظائف المؤقتة والعاطلين عن العمل؟ ألا توجد حلول لرفع مستوى الدخل لهم وتحسين أوضاعهم المعيشية؟
6. الاحتكام إلى الجهل
من المغالطات الشائعة كذلك، هي أن يلجأ المحاور إلى إثبات صحة افتراض ما لم يثبت أنه خاطئ، أو العكس، والعمل بقاعدة يظل الشيء حقًا طالما لم يبرهن أحد أنه باطل، والعكس.
مثال: أنا واثق بوجود الكائنات الفضائية، لم يسبق لأحد أن نفى ذلك من قبل.
7. الاحتكام إلى العامة
تسمى كذلك بمغالطة التوسل بالأكثرية، وتعني الافتراض بصح ما يقبله أكثر الناس بغض النظر عن البراهين التي قد تثبت عكس ذلك.
مثال: لا شك أن هواتف أيفون أفضل من سامسونج، فكما ترى أغلب الناس يستخدمونها بصفة أكثر من تلك التي تعمل بنظام التشغيل أندرويد.
8. الاحتكام إلى القوة
يقع المحاور في مغالطة الاحتكام إلى القوة أو التوسل بالقوة عندما يحذر من عواقب ستحدث إن رفض الطرف الآخر وجهة نظره بقضية الحوار.
مثال: لا بد أن تكون الأرض مسطحة، وإلا لشهدنا أعصاير وزلازل وكوارث طبيعية مستمرة لو كانت كروية.
9. الاحتكام إلى التقاليد
يلجأ المحاور في هذا النوع من المغالطات إلى الجزم بصحة فرضيته على أساس ارتباطها بتقاليد قديمة، واعتبار أن ما أسند إلى التقاليد لا مجال للنقاش فيه، وإن أثبتت البراهين عكس ذلك.
مثال: تم تبني خطة العام الدراسي منذ مدة طويلة، لذلك أي تغيير فيها سيكون محفوفًا بالمخاطر وفاشلًا.
10. المظهر فوق الجوهر
يقع المحاور في هذه المغالطة عند الحكم على أسلوب القائل في عرض فكرته ووجهة نظره، متغافلًا عن مضمون ومحتوى الفكرة ذات نفسها.
مثال: يبدو أنه يراوغ ويكذب في حديثه، ذلك يبدو واضحًا من تعرقه واحمرار وجهه.
11. ذنب بالتداعي
عندما يرى المحاور أن رأيًا ما باطل ولا يمكن قبوله بالنظر إلى معتنقيه، ويرفض الدعوى لأنها مرتبطة بذهنه بمن لا يحب، فقد وقع بمغالطة ذنب بالتداعي.
مثال: كان هتلر رسامًا ومولعًا بالفن، وهذا يجعل الفنون شرًا مستطيرًا!
12. المصادرة على المطلوب
تعني الافتراض بصحة القضية التي تريد البرهنة عليها ووضعها بشكل صريح أو ضمني في مقدمات الاستدلال. أي إثبات قضية النقاش المختلف عليها واستخدامها كدليل.
مثال: تستلزم العدالة أن تحصل المرأة على أجرٍ مماثل للرجل، لأن المرأة هي نصف المجتمع. بدلًا من الاستدلال بحجج تثبت حق المرأة بالحصول على أجر عادل، يصادر القائل عليها ويستعين بها كدليل، وكأنه فسّر الماء بالماء.
13. مغالطة المنشأ
تسمى كذلك ذنب بالارتباط، وتعني الحكم على مسألة ما بالصدق أو البطلان بالنظر إلى أصلها أو واضعها، مع تجاهل أي شيء آخر من حقائق وأدلة ودراسات عدا المنشأ والأصل.
مثال: لا يمكن التصديق بصحة نظريات مندل في الوراثة، لقد كان مؤمنًا بأن الإنسان أصله قرد!
14. الاحتكام إلى سلطة
يقع المحاور في مغالطة الاحتكام إلى سلطة أو توسل بالمرجعية عندما يعتقد بصدق قضية أو فكرة بالنظر إلى سلطة قائلها، بغض النظر عن صحة أو خطأ هذه القضية.
مثال: أنا متأكد أن فعالية هذا الدواء ستقضي على الألم، لقد وصفه لي رئيس قسم الباطنة في المشفى ويستحيل أن يخطئ.
15. مناشدة الشفقة
تعرف أيضًا بمغالطة استدرار العطف، يقع فيها المحاور عند افتقاره للحجج والبراهين التي تدعم صحة ما يدّعي، وكمحاولة لكسب الآخرين إلى صفّه وتأييده بوجهة نظره، يستغل إحساس الناس بالشفقة أو الذنب ويخاطب مشاعرهم.
مثال: كيف تقلل من قدرة المدير على أداء مهامه بمهنية عالية؟ لقد عاش يتيمًا في الملاجئ وله ظروفه الخاصة!
16. الألفاظ المشحونة
أن يستعمل المحاور ألفاظًا ملغومة يقصد منها التحريض والذهاب بالمعنى لغير المعنى الموضوعي المرتبط بالواقع. كأن يستخدم القائل كلمة رشوة بدلًا من حافز، أو يدّعي بدلًا من قال.
مثال: أنت تدّعي أن تقسيم العام الدراسي لأربعة فصول سينعكس إيجابًا على تحصيل الطلاب. لاحظ أن كلمة تدّعي هدفها التشكيك في كلام الشخص الآخر.
17. المنحدر الزلق
يعني ذلك أن فعلًا ما، صغيرًا بحد ذاته، سيجر وراءه سلسلة محتومة من العواقب تؤدي بنهاية المطاف إلى نتيجة كارثية.
مثال: كيف نسمح للطلبة باختيار المساقات الدراسية بأنفسهم؟ لا شك أن هذا القرار سيتسبب بانهيار المنظومة التعليمية بأكملها!
18. السؤال المشحون
يقع المحاور في هذا الخطأ بالنقاش عندما يطرح أسئلة مشحونة يعمد من خلالها إلى فرض أمور غير مبررة، بحيث أن أي جواب مباشر يدلي به المجيب يوقعه في الاعتراف بهذه الفروض.
مثال: هل تؤيّد حق المواطن وحريته في استخراج ترخيص لحمل سلاح؟ فإن أجاب بنعم، فهو يؤيد العنف، وإن أجاب بلا، فهو يؤيّد قمع الحريات!
19. التفكير التشبيهي
عندما يعقد القائل مقارنة بين أمريْن ليس بينهما وجهٌ للمقارنة، أو بينهما تشابه سطحي وليس هناك شبه يتصل بالحجة المرغوب إثباتها، يقع في مغالطة التفكير التشبيهي.
مثال: أن تدعم حق الطلاب في اصطحاب كتبهم إلى الامتحانات لأن المحامين يستخدمون مذكرات قضائية في مرافعاتهم.
20. انحياز التأييد
يقع الشخص في هذه المغالطة عندما يستشهد بأدلة تؤيّد الفكرة التي يطرحها ويعزز منها ويعظمها، بينما يتحاشى ويتجاهل ذكر أي دليل آخر -رغم وجوده- يناقش وربما يُثبت خطأ ما يدعو إليه.
مثال: لقد وجدت 20 دراسة أن العمل ليلًا أكثر إنتاجية. برغم وجود دراسات عديدة تثبت خلاف ذلك، لكن اكتفى بذكر ما يدعم رأيه.
21. الالتباس أو المراوغة
كثيرًا ما يقع الناس بهذه المغالطة سواء عن قصد أو دون قصد، عبر استعمال مصطلح يحتمل أكثر من معنى مختلف، واستغلال ضبابية المعنى لتحوير الموضوع عن القضية الفعلية.
مثال: الادعاء الذي ذكرته صحيح في السياق المذكور، لكن لا زلت أنظر إليه كادّعاء لا أكثر. فكلمة ادعاء الأولى جاءت بمعنى القول، أما الثانية فالمقصود منها التشكيك.
22. إغفال المقيدات
هي إطلاق الرأي على الكل، وتجاهل الاستثناءات التي لا ينطبق عليها لأسباب خاصة بها.
مثال: ضمنت الديمقراطية للجميع حق ترشيح أنفسهم للرئاسة. هل يعني ذلك أن من حق المجرمين والأطفال الترشّح كذلك؟
23. إثبات التالي
عند إثبات النتيجة في الجملة الشرطية بدلًا من إثبات المقدّم، يقع الشخص في مغالطة إثبات التال. كالجملة الشرطية: إذا أمطرت السماء، فإن الرصيف سيبتل. وهي جملة صحيحة ونتيجة منطقية. لكن في مغالطة إثبات التالي تصبح النتيجة مثبتة بقول: الرصيف مبتل، إذًا السماء أمطرت، وفي الحقيقة، المطر ليس السبب الوحيد ليكون الرصيف مبتلًا!
مثال: أنت تكذب فيما تدّعيه، لأن وجهك يحمر عندما تفعل ذلك، وها هو يحمر. وليس شرطًا أن يحمر الوجه عند الكذب.
24. الاحتكام إلى النتائج
عند استخدام النتائج المترتبة على قضية ما كدليل لإثبات صحة القضية أو خطئها، يقع الشخص في مغالطة الاحتكام إلى النتائج.
مثال: من المحال أن تلجأ الدولة إلى فرض ضرائب جديدة، لأنها إن فعلت ذلك سيشتد احتقان الناس وتصبح المعيشة أصعب.
25. التشييء
يعني أن تعامل شيء ما على أنه كائن حقيقي له حقوق وعليه التزامات. ورغم أن ذلك يندرج ضمنيًا في الاستعارة، لكن تقع المغالطة عندما ندافع عن هذا الشيء ونطلب من الآخرين احترام كونه كائن.
مثال: تبغض الطبيعة من لا يفعل شيئًا ولا يسعى لإعمارها، والحقيقة أن الطبيعة لا تبغض ولا تحب.
26. التركيب والتقسيم
مغالطة التركيب هي أن يقوم الشخص بتصديق وتعميم صفات جزء من الجماعة على الجماعة بأكملها. أما التقسيم، فهي النقيض من مغالطة التركيب، وتعني إضفاء خصائص الكل على الأجزاء المكوّنة منه.
27. التأثيل
وهو رد الكلمة إلى أصلها التاريخي سواء كان مؤسساً على لغة قديمة أو لغة أجنبية أخرى، فيثبت المعنى القديم فقط ويتجاهل تطور دلالة المصطلح ومعناه الحديث.
مثال: كلمة المحسوس تستعمل الآن في الشعور، قد يستعملها أحدهم بمعناها القديم وهو المقتول، من حسَّه أي قتله.
أو أن يستخدم قائل لفظ شيخ للتعبير عن رجل كبير السن، بينما المعنى المعتمد حديثاً يطلق على رجال الدين فقط.
28. سرير بروكرست
يقع الشخص في مغالطة سرير بروكرست عندما يميل إلى فرض القوالب على الأشياء أو الأشخاص، وتلفيق الأدلة كي تتفق قسرًا مع معتقداته ومخططاته.
مثال: كيف لا تتفق معي بأن الثورة التقنية قمعت روح الإنسان وحولته إلى شخص اتكالي منعزل ووحيد؟ بلا شك أنت ضحية لهذا التطور المقيت. كما في المثال، القائل يثبت صحة رأيه عبر تحوير رأي الطرف الآخر في الحوار ليبدو كأنه ضحية ما يدعو إليه.
29. المقامر
تحدث مغالطة المقامر عندما يبني الشخص افتراضات مستقبلية عشوائية استنادًا إلى أحداث من الماضي.
مثال: لقد لعبت ستة مرات بالأبيض وخسرت، هذه المرة سألعب بالأسود وبالتأكيد سأفوز.
30. النبوءة المحققة لذاتها
تنبّؤ يؤدي بنفسه لأن يصبح حقًا على نحو مباشر أو غير مباشر، رغم أنه كان في البداية مجرد تحديد زائف للموقف، الأمر الذي يدفع بالمغالط إلى الاستشهاد بالمجرى الفعلي للأحداث كبرهان على صدقه منذ البداية.
مثال: حين نستند إلى اللغة الإنجليزية في الأبحاث والعلوم والدراسات ونهمل أي لغات أخرى، ثم نقول أن اللغة الإنجليزية هي أم اللغات والأقدر على الديمومة. تلك نبوءة قد حققت ذاتها لأن اللغات الأخرى ذبلت أمام الإنجليزية ولم تأخذ حقها في العطاء.
31. الخطأ المقولي
ارتكاب الخطأ المقولي يعني أن تقرن أشياء من تصنيفات مختلفة لا يجوز عقلًا أن تجتمع.
مثال: لا أحبذ الاستشهاد بالشعر في رأيي، فكل ما قيل بالشعر ارتبط بالشر. في الواقع، ما من علاقة بين الشعر والشر.
32. الأنثروبومورفيزم
مصطلح يوناني يعني شكل الإنسان أو الأنسنة، وبمعنى آخر، إضفاء صبغة بشرية على ما ليس بشرًا.
مثال: كل الشعر يبعث الحزن والألم، هذه القصيدة بالتحديد تبكي ألماً.